المدن والقرى المُحررة ثم ماذا بعد؟!

بشير نوح يكتب ✍️ المدن والقرى المحررة ثم ماذا بعد
تتطلب المدن والقرى المحررة عناية خاصة، إذ أنها عانت من آثار الحرب وانتهاكات مليشيا الجنجويد ممافاقم من ازمتها الإنسانية وفي ظل هذه الظروف، تبرز الحاجة إلى توفير الدعم اللازم للساكنين فيها، حيث تؤثر أوضاع المناطق المحررة ونوقصها المقلقة على حياتهم اليومية وعلى مستقبلهم بشكل عام. أحاول هنا أن أتقدم ببعض النصائح لسكان المدن المحررة والتي بدأت اليها العودة الطوعية من قبل ساكنيها .
أولا، إذا تناولنا الجانب الاقتصادي لكل مدينة أو قرية حررتها القوات المسلحة، يعتبر من الجوانب المهمة و المحورية في توفير حياة كريمة للسكان. يجب إعادة بناء البنية التحتية للإسكان، والتعليم، والصحة، مما يعزز من فرص العمل ويساعد في استعادة النشاط الاقتصادي. العمل على توفير موارد مالية واستثمارية لتنمية المشاريع الصغيرة والمتوسطة يعد خطوة هامة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي ،بالامس القريب تواصلت مع بعض الأسر التي عادت إلى ود العيس والسوكي وبعض قرى سنجة ،اشتكوا من إغلاق تام للأسواق والحياة معدومة فيها أبسط أنواع التبادل التجاري ،لا ادري لماذا ؟ في ظل انفتاح تلك المناطق على كل المعابر والطرق بعد التحرير .!
دول كثيرة وضعت استراتيجيات لدعم إعادة الإعمار وتحفيز الاقتصاد المحلي، مما يسهم بشكل كبير في رفع مستوى المعيشة، فمهم جدا أن تبدأ كل حكومات المناطق المحررة في الشروع فورا في خطة اقتصادية لإعادة الإعمار .
ثانيا، تحتاج المدن والقرى المحررة إلى دعم اجتماعي متواصل. يواجه السكان تحديات اجتماعية كبيرة ناتجة عن النزوح والفقدان، حدثوني عن حالة نفسية سيئة اعترت أحدهم عند وصوله لمسكنه ورؤيته للحال الذي آل إليه. الأمر يستدعي تقديم خدمات الدعم النفسي للعائدين ويجب أن يكون هنالك مركز للعلاج النفسي في كل ولاية محررة تستقبل الحالات ،و
انشاء مساحات امنة للأطفال والشباب ، وتعزيز الحوار المجتمعي بين الفئات المختلفة ، فقد ظهرت أيضا حالات شجار بين العائدين . إن تعزيز التماسك الاجتماعي بعد الحرب أو عند رجوع سكان المناطق المحررة مهم جدا و يسهم في إعادة الثقة داخل المجتمع، ويعجل من عملية التعافي.
يجب أن لا نغفل الجانب النفسي لسكان المدن المحررة، حيث تأثروا بأساليب حياة قاسية نتيجة الانتهاكات التي تعرضوا لها عند وصول التمرد واغلبهم أُخرجوا بالقوة والازلال .
تقديم خدمات الدعم النفسي سيكون له تأثير عميق على العائدين ، ويشمل ذلك العمل على تقليل وصمة العارحول المشاكل النفسية ،لقد سمعت بقصة حزينة عن رفض ضحية اغتصاب العودة الطوعية ،فمن الضروري أن تتضافر الجهود الحكومية وغير الحكومية لتوفير خدمات الدعم والمشورة النفسية بما يتماشى مع احتياجات كل منطقة .
إن العناية بسكان المدن والقرى المحررة تتطلب تنسيقا فعالا بين الحكومات، المنظمات غير الحكومية، والمجتمع المدني. يتطلب ذلك توظيف استراتيجيات متكاملة تأخذ بعين الاعتبار الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والنفسية. إن بناء مستقبل أفضل لهذه المدن والقرى يعتمد على مدى استجابة المجتمع المحلي لتلبية احتياجات سكانها.
رسالة أخيرة في بريد العائدين:
يجب على الجميع أن يلتزم بالقوانين التي تحكم البلد المحررة، فالقانون هو الضامن للعدالة والسلام الاجتماعي. علينا أن نحترم القوانين ونلتزم بها، وأن نكون مواطنين مثاليين يعملون على تعزيز قيم العدل والاحترام والتسامح في المجتمع.
يجب على الجميع أن يسهموا في بناء مناطقهم وتطويرها، من خلال المشاركة في الأنشطة المجتمعية والعمل التطوعي والاهتمام بالمرافق العامة. فالمدينة المحررة تحتاج إلى جهود مشتركة لاستعادة نظافتها وجمالها ورفاهيتها، وهذا يتطلب تعاون الجميع وعمل يدٍ واحدة من أجل مصلحة المجتمع.
يجب على الجميع أن يكونوا قدوة حسنة للأجيال القادمة، وأن يعملوا على نقل القيم والمبادئ الحميدة إلى الأجيال الناشئة. فالشباب هم مستقبل المدينة وعماد تقدمها، وعلى كل الشباب أن يتنادوا لمناطقهم المحررة والعودة إليها فورا ،لانهم هم الاقوى على العمل وتقديم المساعدة لأهلهم ،هناك أسر أغلبهم نساء بدون شباب بحاجة إلي عون ،وشباب كل منطقة محررة ادرى بشعابها .
بهذه الطريقة، يمكننا جميعا الحفاظ على التحرير الذي تحقق وتحقيق التقدم والازدهار في مدننا المحررة وإعادة الحياة الي طبيعتها .
*إن الله على كل شيء قدير*