الفاتح داؤد يكتب : شراكات “القطاع الصحي” مع المنظمات بالقضارف … تساؤلات مشروعة
الفاتح داؤد يكتب :
شراكات “القطاع الصحي” مع المنظمات بالقضارف …
تساؤلات مشروعة
في مقالنا السابق “كواليس الملف الانساني بالقضارف”،حاولنا رصد بعض الاختلالات التي ساهمت في احجام المنظمات الإنسانية،من التدخل بصورة شاملة في أحتواء تداعيات الازمة الانسانية،رغم الزام قانون العمل الطوعي والانساني للعام 2006، المنظمات الدولية الانسانية بضرورة تخصيص ما يعادل 10% من ميزانيتها لتدخلات مشروعات الطواري ،وهو مالم تلتزم به معظم المنظمات بحجة توظيفها لتلك النسبة لصالح المجتمعات المستضيفة للاجئين ،وهو بالتاكيد تبرير معيب وغير مقبول للتهرب من الالتزامات القانونية،ويبدو أن تلك المنظمات فعلت ذلك لقناعاتها بعدم وجود سلطة رادعة للتقييم والمسائلة والمحاسبة.بسبب ا
افتقارحكومة الولاية الي استراتجية واضحة للتعاطي مع الملف الانساني،استراتجية تحدد وفقها المعايير الفنية والالتزامات القانونية والاولويات العاجلة ومناطق الهشاشة وانواع التداخلات الصحية الملحة.التي يعني تحديدها “تلقائيا” مراقبة انشطة وسلوك المنظمات و
الاستفادة المثلي من الموارد المالية والامكانيات اللوجستية الضخمة التي بحوزتها
،وكشفت أرقام اولية “حصلنا عليها”، انخرطت نحو “40” منظمة انسانية في مشروعات مشتركة مع وزارة الصحة الولائية،شملت تدخلاتها برامج الكلازار والملاريا والايدز والدرن والتغذية والطفولة والأمومة والشلل والتحصين والكوليرا وحمي الضنك،فضلا عن برامج التطعيم المستمر وغيرها ،إلا أن تلك البرامج رغم الأموال الطائلة التي خصصت لها،تحوم حولها شبهات عدم الشفافية فيما يلي ارقام
الميزانيات وحجم الانشطة وتصنيف
القوي العاملة في المشروعات المشتركة، فضلا عن غياب المعلومات حول عدد المنظمات العاملةو
المقار والمتحركات وطبيعة
الانشطة التقارير الفنية، التي واضح جليا انه لايتم دمجها او النقاش حولها وتقييمها، في اي مستوي من المستويات الحكومية،يمكن صانع القرار والشريك من الوصول الي مركز موحد للمعلومات،يت من خلاله قياس المؤشرات ومستويات التغيير، التي حدثت في المجتمعات المستفيدة بعد تدخل المنظمات. للأسف لا أحد يمتلك قاعدة معلومات واضحة،بما في ذلك مفوضية العون الانساني الحاضر الغائب في مسرح اللامعقول هذا، حيث تم إهدار ملايين الدولارات في انشطة ومشروعات فاشلة، وغير خاضعة للرقابة الحكومية بسبب سيطرة شبكات الفسادالمحمي بالنفوذ.
الأمر الذي حول النشاط الانساني الي سوق كبير لابرام الصفقات بين المنظمات ومدراء الادارات الحكومية الشريكة في الوزارات، التي أصبح شغلها الشغال هندسة الحملات و استلام الحوافز المليارية،دون اكتراث لنتيجة ذلك علي حقوق المجتمعات ،خاصة في وزارة الصحة التي اصبح فيها ملف الشراكات مع المنظمات اشبه بالملف الامني، بدء من بناء الشراكة حتي لحظة نسج التفاصيل الدقيقة .
ومما زاد الأمر تعقيدا وارتباكا هو اصرار بعض المسئولين، علي التماهي مع حالة الفوضي وبناء جدار سميك لحماية القائمين عليها ،وذاد الطين بلة تعدد الجهات الحكومية وتشعب المشروعات التي تعمل فيها المنظمات،التي للاسف لايوجد رابط بينها او مجلس تنسيق يجمع أطرافها الأساسية.التي تشمل
معتمدية اللاجئين ومفوضية العون الانساني ووزارات الصحة والمالية والتربية والتعليم وجهاز المخابرات والشرطة وزارة الخارجية بالنسبة للاجانب.
حيث وضح ان كل تلك الاجسام تعمل ك”جذر معزولة” تفتقر الي التنسيق القطاعي المحكم، الذي يجب ان يحدد عدد المنظمات العاملة وخارطة انتشارها وانواع نشاطها و المشروعات المقترحة في المجالات الصحية،وقد ادي هذا التساهل ر الي خلق مراكز نفوذ الي بروز تقاطعات مصالح،ما بين المنظمات خاصة مدراء برامج الدعم العالمي في وزارة الصحة .وكذالك بين المنظمات والارادات المسئولة عن التنسيق في الوزارة الاخري .
ولتدارك ما يمكن تداركه لابد من بناء استراتجية ولائية واضحة لتحديد طبيعة العلاقة بين المنظمات الانسانية وحكومة الولاية،وكذلك لابد من تكوين مجلس للتنسيق بين المنظمات الشريكة لوزارة الصحة
وعضوية الجهات ذات الصلة،يجب أن تكون من صميم اعمال المجلس متابعة اداء المنظمات وتقارير الميزانيات وطبيعة بصورة دورية، والأهم من كل ذلك توزيع الولاية الي قطاعات جغرافية، حسب الاختصاصات علي أن يلتزم كل قطاع بالمعايير المتفق عليها،و لايسمح لاي منظمة العمل في اكثر من مشروع واحد في اي منطقة،بل يجب تحديد اولويات المشروعات وطبيعة التدخلات وفق خارطة احتياجات وزارة الصحة والشركاء الآخرين، وعدم ترك النشاط حسب رغبة المنظمات ومدراء برامج الدعم العالمي ،مع الزام المنظمات بتقديم دليل محدث، بالعنوان وطبيعة النشاط والقوة العاملة والاصول الثابتة والمتحركة،علي أن تملك تلك المعلومات
لمستويات الحكم المحلية والاجهزة الامنية، لمتابعة دمج تلك الانشطة في النظام الصحي العام.
في مقالنا القادم:
سنفرد المساحة لملف الايواء ماله وماعليه
للحديث بقية..