من هو لؤي التوم الذي لا أعرف!!
من هو لؤي التوم الذي لا أعرف!!
كتب : عثمان عمر
“مديرًا لمسرح القضارف”..!!
توقفت في هذه العبارة كثيرًا وأنا أقول:
أو لم يكن أصلًا مؤصلًا مديرًا لمسرح القضارف؟.
من هي تلك التي يمشي بين أزقتها إذًا؟
في براحها.. في أتراحها قبل أفراحها؟!
مديرًا،، بل قل وزيرًا بل أزيرًا يمشي في أوجاعها بين مرضاها وجوعاها.
يمشي بين الناس كالنسمة “الصعيدية” في بدايات يونيو عندما يهبهب خريف الهضبة الإثيوبية ويتسلل جهرةً نسيمها الندي يداعب خد الحبيبة قضارف السعد.. فتتراقص خصلاتها ناسيةً عناء مايو، وما فعل بها سفهاء “السنبرية”.
يستبدل أوجاعها بشرياتٌ تنشرح لها أفئدة الظمآء حتى تقل حوجتهم للماء..
فمايونا ومنذ بواكير الحياة في وادينا المقدس جافًا حادًا وقاسي يلعنه الجميع، إلا مدير المسرح؛ لا يعرف لا اللعنات، ولا الطعنات، ولا اليأس، ولا الإحباطات، ولا المرارات.. يمضي كقطار البشريات الذي يقل الأحبة العائدون إلى الحياة، فيُنزل كل حبيب في محطات الحبيبات التي طال إنتظارهن بلهفة الاشواق..
أو قل ككاسحة البؤس التي لا ترحم أنف المعاناة فتستبدلها إعاناة..
لم يمضي يومًا في مسرحها العريض وإلا طايب سقيمًا وواسى كليمًا وسامر بالسرور عبوسًا ملتاعًا.
مرحٌ هنا
وقفشةٌ هناك
وبسمةٌ مضيئة
وقهقة متعافية يؤدونها ببراعة جوق اللحظات سيمفونيةٌ تاسعة ما بين “شيلر” و”بيتهوفن” ينثرها الأثير في جنبات المسرح الذي تنفرج أساريره وتهتز وثائره فرحًا وطربًا..
وتثمل اللحظات حد الغياب صحوةً
ووعيًا
ونورًا يهزم الظلمات في المدارس
والملاجئ
والملاعب، وأروقة المكاتب.
يمضي في مسرحها نبيلًا حقيقيًا متوجًا يشفق عليه التواضع وينحني الزهد ثم يستقيم ويعتدل.
فيعتري الحياء نفس كل زاهد حتى يبحث عن ذاته وكأنه لا يعرف نفسه.. عندما يعرف معنى الزهد العاري المفضوح بطبيعة الجمال الذي لا تلتصق به المساحيق
ولا التلوين، حينما ينفلج لون السماء أزرقًا دون ضبابية..
يستأجر منزلًا.. لا يملك، يمتطي فارهات قدميه
مترجلًا
مسترجلًا رجلًا شريفًا عفيفًا قويًا مصادمًا في الحق لا يخشى لومة لائمًا..
صلدًا في المواقف لا مسرحيات هزلية مبتذلة.
عند العطاء كالنيل ومثله في الوفاء..
محبًا مشفقًا متساميًا..
تهرب عند إقدامه شياطين المحيطات العكرة وتبغضه الاجواء المشحونة بالكهارب والمغايب والدسائس..
فلا يدس إلا شذى وردٍ والعبير المفتضح.
تجده الآن بينما نحن مع طيفه العابر.. يضع القدور الكبيرة على الأتفِيَّة يعد وجبةً شهية في مسرح الحياة اليوماتي لضيوف من تسكنه قبل أن يسكنها منشغلًا عنا بأدآء الواجب.
هل حقًا أختير مديرًا لمسرح القضارف؟
أي مسرح هذا؟!
ليت أدري.!!
.