منوعات

توتي مقهورة ، نهارها كليلها ، مُعتم وحزين.

كثيراً ما كنت أعبر كبري توتي صوب المنزل، أفعل ذلك عدة مرات في الأسبوع، أفعل ذلك بدافع التخفف من حمولات الحياة، أمشي لوحدي على هذا الجسر المعلق، ودائماً ما أصادف فتيات يحاولن التقاط الصور، أو شبائن مليحات تحت أضواء الآوت دور، ونادراً ما أشيح بوجهي عنهن، وقليلاً ما أشعر بالملل، ودائماً ما انتبه للمراكب الصغيرة وهى تسبح في المياه ولا تغرق، لطالما لفحتني نسمات النهر الذي لا يشيخ، وكثيراً ما كان يخالجني الشك في أن القذافي صنع هذا البرج الشاهق ليظهر كم هى الخرطوم قصيرة على قامته، وطويلاً ما كنت أحدق في واجهة قاعة الصداقة، بانتظار خروج أبطال السينماء، والجلوس على ضفة النيل، عند ظل العبارة كهرمان، ودائماً ما يحزنني أن هذا المكان المغدور كان يضم أكبر حديقة حيوانات في أفريقيا، هدموها بشكل مروع وأخفوا تحتها تلك الزرافة بعنقها الطويل، ثم كان المتحف الطبيعي والمتنزهات وكان مقرن النيلين في الخرطوم يا سمرا، ونبي الله موسى بصحبة الخضر يطلب غداءه بعد أن لقى مِن سفرِه نصبًا، واليوم توتي كلها حبيسة لعصابات الصحراء، مقهورة، نهارها كليلها، مُعتم وحزين، فمتى يطل صباحها من جديد؟

#عزمي عبدالرازق

#توتي لا تزال تعاني

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى