مهدي الجمل يكتب : همهمه في غياب عبدالله حبيب الله
همهمة في..
غياب أبدي
عبد الله حبيب الله
____________\\\\
في صحو الذكري المنسية..
فاتت وين الحنية..
بتعدي مواسم وتروح ..
والفرقة بتصبح أبدية..
…. مالك ياعم ..ومالك ياصديق..
وياللؤم هذه الحرب وقساوتها وقدفصلت بيني وبينك وأهدرت ساعاتٍ كنت قد جالستك فيك أجترك بذكريات لا تنسي وقد وعدت الناس قبلا بأن سردا شيقا سوف تكتمل فصوله عند زيارتي للراحل الكبير…
الحرب أجلت ميعادي وأنت تعلم اني أكن لك ودا أحتفظ به دوما لكبارنا ولوددت أن أحظي بتدوين لحظات السمر تلك والتي لم أكن أعرف من أين أبتدرها.. من النقل الميكانيكي.. أم من إستاد القضارف.. أو نادي الهلال وحراسة المرمي ..أم أترك هذا وأتكلم عن الحزب الإتحادي.. أو النقابات أم الإتحاد التعاوني ..ونشاط في ولاية القضارف بلا حدود ..
الحرب لم تمكنني للحدبث عن الرجل الراقي المهندم الرقيق.. يمشي أدبا ويتدفق تهذيبا تكاد لا تسمع له صوتا وقد لا حظت ذلك وأنا إبن الإستاد قبل أن أدخل المدرسة.. والرجل الهلالي التوجه كان يشجع بطريقة تختلف ويؤدي دوره الإداري في إتحاد الكرة بشكل يختلف….
عبد الله حبيب الله..
ياوليد وياأسامة وياأمير درزون ..خالكم هذا كان يحمل في أعطافه شخصية متفردة بمقاييسنا المجتمعية التي نعرف ..هذا علي الأقل في نظري أنا ..علي الرغم من أن معرفتي به لم تؤهلني للخوض في خصوصياته إلا أن مظهر الرجل كان ينم عن دفء غامر وصدق مجرد ومنهجا في الحياة زينه بالقناعة وحماه بالعصامية ليصبح من أهل القضارف أولئك الذين يُذْكَروْن.. وتربطنا بأمثالهم دوما وشيجة هذه المدينة والتي تتمدد بدافع البر والمحبة وللجميع…
يامحمد.. كان أبوك من كبارنا الذين نجعل لهم مقدارا مبجلا من الإحترام والتقدير وهو أحد مؤسسي المرحلة الحية للقضارف كمكون مدني غارق في ذاك الزمان بين نديدين سياسيين أصحاب الدفع الجماهيري الكثيف وقد ظل التنافس بينهما يؤجج بؤرا لثقافة لم تبطل أوارها شراسة الصراع في محاولة لبناء دولة ديمقراطية أصابها التعثر في كثير من الأحيان ونجحت في أن تخرج لمجتمعنا قادة كوالدك نقر ونعترف بأننا لم نمنح لأنفسنا فرصة للإستفادة من محتوياتهم الذخيرة بمعلومات ثرة غزيرة ذهبت معهم وقد قلت في صدر بوحي مرددا قول الشاعر..
(بتعدي مواسم وترَوِّح..
والفرقة بتصبح أبدية..)
وهاهي تصبح أبدية.. أبدية..
… فياأهل القضارف..
إنهم بذهبون..
الواحد تلو الآخر..
كبارنا..
لن يعرف أحدٌ منا تاريخا لرحيل أحدٍ أبدا فهذه من أسرار رب العالمين..
اليوم عبدالله حبيب الله..
لا أعرف من سيكون غدا..
وكلنا لها فلنتدارك هذه الكنوز ..نحافظ عليها نرعاها ونستخرج ماتكتنزه عقولها وقلوبها..
..أما بعد..
فقد حزنت لرحيلك جدا وأنا أتهيأ لألاقيك علي نافذة القطية التي تحب وعلي فنجان قهوة يشحذ الروايات ويبهج الحكايات.. لكن أجل الله لا يؤخر وقد دقت ساعة الرحيل فلتمضي في أمرك بإذن الله بمغفرة منه ومحبة.. وليجزينك عن مرضك الطويل خيرا ولتكن بإذنه تعالي في جنة أوسع من الدنيا وما فيها مثلا طيبا لإتساع رحمة الله..
إنا لله وإنا إليه راجعون..
مهدي الجمل