عمر دمباي يكتب.. أيام في مستشفى القضارف ( 1_ 5)
عمر دمباي يكتب.. أيام في مستشفى القضارف ( 1_ 5)
فرضت علي، الظروف الصحية التي يمر بها الوالد متعه الله بموفور الصحة والعافية، أن أتعرف عن قرب على تفاصيل دقيقة بالمستشفى، خلال مرافقتي للوالد، تفاصيل بعضها مفرحة وأخرى أليمة وحزينة للغاية، بجانب التعرف على نواقص واحتياجات مستشفى القضارف .
من حيث الكوادر الطبية، فمستشفى القضارف به كوادر طبية جيدة للغاية، ابتداءً من الاختصاصيين، ونوابهم والممرضين، ساعد ذلك في الاستفادة من نزوح الكوادر الطبية إلى الولاية بأعداد تفوق حوجة المرافق الصحية الموجودة في جميع التخصصات بالمستشفى، مما خلق تنافساً حميداً وجيداً بين الكوادر الطبية الذين قدموا إلى الولاية، وبين من كانوا موجودين بالولاية قبل اندلاع الحرب، هذا الأمر انعكس بصورة كبيرة وواضحة في العناية والاهتمام بالمرضى مما سهل من سرعة تعافيهم نتيجةً للمتابعة والتشخيص السليم للحالات المرضية .
أما فيما يتعلق بالعلاج، فرغم توفر العلاج بالسعر التجاري، وعلى الرغم من ارتفاع أسعاره المعروفة، لكن ما يعاب على إدارة المستشفى الاعتماد على صيدلية واحدة تجارياً داخل المستشفى بالنسبة لمرضى الجراحة والباطنية اللذان يعتبران أكبر زوار المستشفى لسنوات دون إيجاد حلول ملموسة لمرضى الجراحة والباطنية من حيث التوسع في إنشاء صيدليات تجاربة جديدة لهم داخل المستشفى، أو توسعة وإنشاء عنابر إقامة طويلة جديدة لتلك التخصصات، الأمر الذي جعل مرافقي المرضى في هرولة مستمرة بحثاً عن الأدوية بالأسواق وخارج أسوار المستشفى، بينما كان بمقدور إدارة المستشفى بمجهود بسيط يمكن أن تجد مساحة لإقامة صيدليات تجارية داخل أسوار المستشفى لتخفف معاناة المرضى والمرافقين، وتوفير عائد استثماري للمستشفى في ذات الوقت من خلال عائدات الإيجار .
من ناحية البنى التحتية للمستشفى نجد أنها جيدة، لكن السعة السريرية لا تتناسب مع عدد سكان الولاية، ناهيك عن النازحين إليها مؤخراً، إدارة مستشفى القضارف تحتاج إلى التحرر من العمل الإداري التقليدي القديم القائم على الاعتماد على دعم المالية الولائية والصحة الاتحادية لها، وذلك بالبحث عن شراكات حتى وإن كانت من أهالي الولاية عبر بناء 4 عنابر جديدة بسعة كافية إثنين منها للجراحة ومثلهم للباطنية، كخطوة أولى ويمكن تشجيع ذلك بتخليد اسم الخيرين وإطلاق اسمائهم أو ذويهم على العنابر، ويوجد العشرات من رجال المال والخيرين لتطبيق الفكرة، كما فعل مؤخراً أبناء المرحوم عبدالكريم عبودة عبر بناء مستشفى ضحم بمواصفات عالمية بحي أبايو، خطوة كانت بمثابة تطوير للمركز الصحي الذي شيدة والدهم عليه رحمة الله، فلا أعتقد أن الإدارة ستفشل في الحصول على موافقات من رجال أعمال وخيرين لبناء 4 عنابر للباطنية والجراحة في ذات مساحة العنابر الموجودة حالياً .
إدارة مستشفى القضارف الحالية، رغم ما قدمته من جهد وعمل في الفترة الماضية، لكن يبدوا أنها أصابها الفتور والإعياء والرهق والاستياء، مما تسبب في شل تفكيرها خارج الصندوق أو حتى التفكير داخل الصندوق، الأمر الذي تسبب في تدني مستوى النظافة والاهتمام بصيانة العنابر، خاصة صيانة المراوح والمكيفات وصيانة لمبات الإضاءة، وتجديد المراتب، وطلاء الجدران والسرائر وغياب شفاطات الهواء لتهوية العنابر لتقليل الروائح، مقارنة بجهد إدارات مستشفيات مثل السكري والكلى والأورام.
غياب الصيانة المستمرة للمراوح والمكيفات وصيانة لمبات الإضاءة، وتجديد المراتب، وطلاء الجدران والسرائر، وغياب شفاطات الهواء لتهوية العنابر لتقليل الروائح الكريهة وغياب استمرار عمليات الرش للذباب والباعوض، حتى أصبحت المستشفى مزرعة للباعوض، كل تلك الخطوات في اعتقادي لا تحتاج إلى أموال طائلة، بقدر ما تحتاج إلى متابعة دورية وطواف مستمر على تلك العنابر لمعرفة الاحتياجات العاجلة من خلال توظيف موارد المستشفى الذاتية من دخل الزوار والذي يمكن رفع قيمته إلى ألف جنيه للفرد باستثناء الكوادر الطبية فقط دون سواهم، فضلاً عن توظيف أموال إيجار المقاهي والكافتيريات والصيدليات التي تقوم إدارة المستشفى باستئجار تلك المحال بأرقام فلكية، لكن عدم متابعة نواقص المستشفى يرسل انطباعاً وكأن المرضى لا يستحقون وضعاً أفضل، أو أن الإدارة غير راغبة في أي عمل إضافي يشكل لمسة جمالية للمستشفى.
ما قامت به منظمة الهجرة الدولية، بصيانة المستشفى من رصف الأرض بالانترلوك والكربستون والسفلته الداخلية للطرق وصيانة دورات المياه، بجانب توفير بعض المنظمات مثلUNHCR لمولدات كهربائية وصهاريج مياه، حال قوبلت خطوات تلك المنظمات بتحرك قليل من وزارة الصحة وإدارة المستشفى لرأينا واقعاً مختلفاً ومرفقاً حكومياً ممتازاً مبنى ومعنى .
العنابر الحالية التي يتم ترحيل المرضى إليها من الباطنية والجراحة غير صالحة تماماً، ويجب إزالتها اليوم قبل الغد، فهي غير صالحة من حيث المباني ولا من حيث التهوية وباتت مهدداً لحياة المرضى، وآيلة للسقوط في أي وقت، بالإضافة إلى أنها باتت مأوى للخفافيش والباعوض والذباب وكل الحشرات والهوام والجنادب.
نواصل،،،