عمر دمباي يكتب .. “محبة الأمكنة”
عمر دمباي يكتب .. “محبة الأمكنة”
تظل الكتابة للآمكنة نوعاً من رد الجميل وتعبير عن جميل ما رأى الكاتب من جمال وما وجد من دلال واهتمام، أو قد تكون كتابة عن شجن وحنين، ولذلك تبارى الآلاف من الكتاب في وصف الآمكنة التي عاشوا فيها وتلك التي تجمعهم بها ذكريات ومواقف، فكيف بمن أبدع في وصف المناطق التي لم يحظى برؤيتها أو لم يكن جزءً منها.
الكثير منا دندن بأغنية (مكتول هواك يا كردفان) للفنان عبدالقادر سالم، والتي تقول كلماتها :
“مكتول هواك يا كردفان..
مكتول هواك أنا من زمان..
شوفي القليب نابع حنان ..
مكتول هواك .. رغم اللي كان..
رغم الضنى وهجر الحبيب
في كردفان ..
أسير غزال فوق القويز ..
كلام غزل معسول لذيذ ..
دمعات عتاب من زول عزيز ..
سالت بحر سقت القليب
في كردفان.
هذه الأغنية رغم ما فيها من وصف خصال وتصوير جمال لمناطق كردفان، تلك المنطقة المشهورة بالأدباء والكتاب والمبدعين، لكن المفارقة أن كاتبها ليس من كردفان، وإنما هو الشاعر عبدالجبار عبدالرحمن، والذي جسد في تلك الكلمات كل محبته لتلك المنطقة، لأن مفرداتها احتشدت بالمحبة الدافقة والشجن العالي، ويكاد الكردافة الناس القيافة كلهم يحفظونها عن ظهر قلب.
أما أغنية وقصيدة “إريتريا يا جارة البحر، كتبها الشاعر والمصرفي السوداني التجاني حسين، الشاعر التجاني حسين، ذكر لي ذات مرة أنه كتب هذه القصيدة بسبب ما يحمله من مودة خاصة للشعب الإرتري، وتلك المحبة تمخضت حروفاً كأنها النشيد الوطني لإرتريا، وقد تبدو المفاجأة للارتريين قبل السودانيين بأن الشاعر التجاني حسين ذكر أنه لم يزور إرتريا إطلاقاً طوال حياته، على الرغم من أن العاصمة أسمرا باتت تعج مؤخراً بآلاف السودانيين منذ إندلاع الحرب في الخرطوم، حيث يبحث آلاف السودانيين في أسمرا عن تأشيرة دخول دول الخليج والعبور إلى أقاصي الدنيا، وبالعودة إلى القصيدة والتي تقول مطلعها :
إرتريا ياجارة البحر ويا منارة الجنوب
من أجل عينيك الجميلتين يأتي زحفنا
من أقدس الدروب
يا وردة يعشقها احبتي
يا جنة عشت بها طفولتي
يا انت ياضحية الحروب
لازلت بين اضلعي نارا
وفي دفاتري قصيدة
وفي ظلال اعيني
كدمعة جديدة
وفي شعاع الشمس لونا زاهيا
يسطع في تلالنا البعيده
لازلت مثل وردة الربيع يا وحيدة.
أما على مستوى شرقنا الحبيب فإن صديقنا الشاعر طه علي محمد، كتب وأبدع في وصف مناطق وانسان وتاريخ جنوب ساحل البحر الأحمر، وهو ائضاً لم يزور تلك المناطق إطلاقاً، لكن قريحته الشعرية جادت وأبدعت في وصف مناطق طوكر وجنوب طوكر، التي تفوق فيها طه، على نفسه وعلى من زاروها.
محسوبة انتِ علي
محسوب عليكِ انا
يا طوكر الإنسان
من أقصى نقطة هناك
لعند نهر النيل
كان العرش صوتنا
ايوا العرش صوتنا
ياطوكر الإنسان
قدام مراية الكون
وقفت ملامحنا
مليانه بالإصرار
من أقصى نقطه هناك
لعند نهرالنيل
الدرقه فوق السيف
ملمح لعزتنا
لنهضة السودان
شمرنا ساعدنا
كل المآذن فرض
في الحسبه وجهتنا
رسل السلام نحنا
معروف همتنا.
تلك القصائد الثلاث المكتوبة عن كردفان وإرتريا ومناطق طوكر وجنوب طوكر، تمثل حالة خاصة ورمزية لأبناء تلك المناطق، بل يضعها ويصنفها كثيرون منهم في خانة النشيد الوطني بالنسبة لتلك المناطق.
نواصل ،،